
المسؤولية الاجتماعية واحتياجات المجتمع
فطر الله الإنسان على نبذ العزلة وحب العيش وسط جماعة، ونبت في قلبه حب تقديم الخير؛ فالمرء يكره العزلة ويسعى دوماً للاختلاط بمن حوله متعارفا عليهم وعندها تحدث الألفة ويسود الخير على الجميع قال تعالى:”وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” لذا يتوجب على كل فرد تقديم الخير للجماعة والوطن الذي ينتمي إليه لأن ذلك ما خُلِقنا عليه، وهذا ما نسميه بالمسئولية الاجتماعية وهي أن يشعر كل فرد بواجبه تجاه المجتمع ويقدم له كل ما يستطيع.
المسؤولية الاجتماعية: تعني كل فعل أخلاقي يقع على عاتق الفرد أو أي مؤسسة لتقديم المصلحة للمجتمع، لتحقيق العدالة بين الأفراد، وإن تنمية للمجتمع تتطلب بذل كل فرد أو أي منظمة داخل المجتمع جهد كبير وتقديم خدمات وواجبات تصب في مصلحة الوطن وسوف يعود على الجميع بالخير الوفير.
حيث أن هناك علاقة وطيدة بين المسئولية الاجتماعية واحتياجات المجتمع إذ أن ما يحتاجه المجتمع لن يتحقق إلا بأيدي أفراد المجتمع، كما أن احتياجات الأفراد لن تكتمل إلا بالمجتمع، وعندما يشعر كل فرد بمسؤولياته تجاه الجماعة التي ينتمي إليها كلما تحققت احتياجات المجتمع وساد العدل والمساواة بينهم.
مفهوم المسؤولية الاجتماعية وارتباطها بالمجتمع
كل شخص لديه التزامات في الحياة ومن دونها لن تسير الحياة بالشكل الصحيح، وباختصار فإن المسؤولية الاجتماعية هي الالتزام الذي يتحلى به كل أفراد المجتمع والمؤسسات تجاه مجتمعهم، وهذا الالتزام هو وازع أخلاقي داخل كل فرد وليس فرض، والغرض من ذلك هو تحقيق الاستقرار في المجتمع، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة.
دور الأفراد في تحقيق المسؤولية الاجتماعية
كل فرد يجب عليه بذل جهد كبير تجاه مجتمعه حتى يعلي من شأنه وتتحقق التنمية والتماسك بين الأفراد ومن الأدوار التي يمكن للفرد القيام بها تجاه وطنه والتي تبين المسؤولية الاجتماعية ما يلي:
- المحافظة على البيئة وعدم التسبب في خرابها برمي المخلفات في الطرقات والمياه، والمشاركة في مؤتمرات دعم البيئة.
- الحفاظ على جميع الممتلكات العامة كأنها شيء يملكه الفرد، وعدم التسبب في إلحاق أضرار لها.
- العمل على دعم الشركات المحلية والتشجيع على شراء منتجات المجتمع.
- القيام بأعمال تطوعية خيرية للمجتمع.
- احترام الفرد للآخرين والمحافظة على ممتلكاته، والدفاع عنه إذا تطلب الأمر.
- زرع السلوكيات الاجتماعية الحسنة والإيجابية في قلوب الجميع والبدء من الأطفال الصغار ومنع السلوكيات السيئة تجاه المجتمع.
- نعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه”، تغيير السلوكيات السلبية واجب على كل فرد.
- تقديم الدعم المستمر للمؤسسات الاجتماعية.
- العمل على تأمين الاحتياجات الاجتماعية.
دور الشركات في تحقيق المسؤولية الاجتماعية
يجب على كل شركة تحقيق المسؤولية الاجتماعية للمجتمع عن طريق تحقيق تأثيرا إيجابيا على البيئة والمجتمع، ولن تستطيع أي شركة تحقيق ذلك إلا من خلال جعل القيم الأخلاقية الإيجابية الاجتماعية أولى قوانينها عند تعاملاتها التجارية، ويكون هدفها الأول والأخير من تجارتها هو عدم إلحاق الضرر بالمجتمع والمساعدة على تلبية احتياجاته، ودعم أبناء المجتمع، وهذا بالطبع سيعود على المؤسسات المحلية بالخير والربح الوفير.
دور المسؤولية الاجتماعية في تلبية احتياجات المجتمع
تساهم المسؤولية الاجتماعية في تلبية أهم احتياجات المجتمع من التعليم والصحة والبيئة، حيث أن من النتائج المترتبة على المسؤولية الاجتماعية تحسين جودة الحياة وتحقيق الرفاهية في كافة المجالات، كما يؤدي إلى تحسين ظروف الأفراد المعيشية، وبالتالي يصبح هناك مزيداً من الاهتمام بالتعليم والتحسين منه ثم الاهتمام بالرعاية الصحية، والاهتمام بالبيئة والمنظر العام للمجتمع، ويتم ذلك من خلال عمل مبادرات تضم العديد من الأفراد المسئولين عن نشر فكرة المبادرة بين الناس والعمل على تنفيذ خطط التنمية المستدامة التي تعود على الجميع بالخير.
هناك الكثير من المبادرات الاجتماعية الناجحة التي تعمل على تنمية المجتمع وتحسين حياة الأفراد، ويجب العلم أن التغيير يبدأ من الفرد نفسه ومن ثم تتكون الجماعات التي تكون هدفها واحد وهو الإعلاء من شأن مجتمعهم من خلال مشاركة أفكار كل منهم وعمل مبادرات بينهم، مثل مبادرة التوعية الصحية، ومبادرة مساعدة المحتاجين والفقراء، مبادرة دعم الأنشطة الثقافية، مبادرة دعم الجمعيات الخيرية، تنظيم جلسات استماع أفراد المجتمع ومشكلاتهم، مبادرة التشجير، تنظيف البيئة والشواطئ، مبادرة توعية الأفراد ضد العنف، وغيرها من المبادرات الأخرى.
أهمية تحمل الأفراد والشركات المسؤولية الاجتماعية
كل فرد مسئول عن مجتمعه وملتزم بعدة أخلاقيات تجاهه، لذا فإن المسؤولية الاجتماعية جزء كبير من القيم الأساسية التي يجب أن توجد داخل كل فرد، كما أن المؤسسات تحمل على عاتقها الالتزام بتحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع والعمل على التطوير منه وزيادة دخله، ومساندة الشباب وتوفير فرص عمل لهم، وذلك يعود على المؤسسة بالنجاح حيث يحسن ذلك من صورتها وسمعتها داخل أذهان الجميع، كما يعزز روح التعاون داخل المؤسسة، ويؤدي ذلك إلى احتياجات المجتمع مما يحقق عائد مادي كبير للمؤسسة من ناحية وللمجتمع من ناحية أخرى كل ذلك بفضل تحمل المؤسسة المسؤولية الاجتماعية.
يوجد شركات عالمية تتبنى فكرة المسؤولية الاجتماعية مثل شركة مايكروسوفت، وشركة ديزني، وشركة سابك، ومن أمثلة هذه الشركات في السعودية شركة خبراء المسؤولية في الرياض والتي أبدت الكثير من الحلول للكثير من المشكلات الاجتماعية، وجمعية تكاتف الاجتماعية، كما تتبنى شركة كنان العمران للمقاولات المسؤولية الاجتماعية والتي أثرت في إنشاء العديد من المباني العامة مثل المستشفيات والمدارس وغيرها من المنشآت الخيرية.
استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات
يلعب التخطيط الاستراتيجي دور كبير في تعزيز المسؤولية الاجتماعية وتتبع المؤسسات عدة استراتيجيات لدعم المسؤولية الاجتماعية وهي كالتالي:
- تقديم دعم مالي أو تمويل للجمعيات الخيرية والمشاريع الاجتماعية.
- وضع الأهداف الخيرية ضمن برامج المؤسسة يعد واحدة من أفضل الاستراتيجيات التي تتبعها المؤسسات والتي تؤتي ثمارها بسرعة.
- تشجيع الموظفين على التطوع والمشاركة الاجتماعية في الأعمال الخيرية.
- توعية أفراد المجتمع والمؤسسات بضرورة المساهمة في الأعمال الخيرية من خلال عرض تقرير سنوي بما تقوم به الشركة من مسؤوليات اجتماعية.
المسؤولية الاجتماعية ورؤية 2030
تدعم المملكة العربية السعودية المسؤولية الاجتماعية ضمن رؤية 2030 والتي ستحقق الاستدامة والرفاهية للمجتمع وتساعد في بناء مجتمع متماسك ومترابط، حيث تنادي المملكة العربية السعودية جميع المؤسسات بضرورة جعل المسؤولية الاجتماعية ضمن أهدافها الأولى وهذا سوف ينعكس بشكل إيجابي على الشرطة وعلى المجتمع ككل.
من أمثلة المبادرات الاجتماعية التي تم تنفيذها في المملكة العربية السعودية مبادرة مساعدة والتي تهدف إلى تقديم الدعم للأسر المحتاجة، ومبادرة طمأنينة لتقديم الدعم النفسي للأسر، وبرنامج تطوع، كما يوجد عدة شركات تضمن فكرة المسؤولية الاجتماعية مثل شركة خبراء المسؤولية وجمعية تكاتف الاجتماعية.
هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا بعد أن تعرفنا على أهم ما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للفرد والمؤسسات وذكرنا لكم كيف يمكن تحقيق التنمية المستدامة من خلال التزام كل فرد بمسؤولياته تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، المجتمع الذي تعيش فيه هو صورة مكبرة عن أسرتك فكل ما تحاول فعله من أجل أسرتك قم بتنفيذه تجاه وطنك ومجتمعك وسوف يعود عليك بالخير، هيا معًا يدا بيد لكي نحقق أسمى معاني العدالة والترابط والتماسك بين الجميع، لن تنهض المجتمعات إلا ببدء كل فرد بنفسه أولًا.